السبت، 28 مارس 2015

قراءه في الحرب على الحوثيين

ساحاول في هذه القراءه تلخيص اهم النقاط السياسيه والاستراتيجيات من وراء الحرب المعلنه على الحوثيين وفق قراءه خاصه لجميع الاطراف.
في البدايه من السذاجه النظر الى اي حرب يقوم بها طرف خارجي لنصرة فئه على اخرى على انها بهدف تحقيق شرعية حكم او حل نزاع؛ حرب كهذه بالقطع ستخلف تباغض وفرقه كبيره بين اطياف الشعب؛ هذا وان كان معلن الحرب حقا ينتصر لسلطه شرعيه في ذاك البلد؛ هذا حدث دائما وعبر التاريخ؛ وهنا يجب التنويه ايضا ان معلن الحرب يعي ذلك جيدا وياخذه بعين الاعتبار.
اذا فالحرب على الحوثيين تخلفه اهداف سياسيه ومصالح استراتيجيه واقتصاديه للاطراف معلنه الحرب.
السعوديه:
من الواضح ان السعوديه - الطرف الرئيس - تصبوا الى بعدين استراتيجيين هامين من وراء هذه الحرب؛ الاول هو مكسب استراتجي بصدارة العالم العربي وتحولها الى قوه استراتيجيه اقليميه تتصدر دول المنطقه مشكلة عنوانا جديدا لها.
اشراك مصر (ولو بشكل رمزي) يهدف لتعزيز هذا الموقف على حساب الموازاة المصريه وموضعها كقوه اقليميه صداريه؛ وهذا الثمن الذي دفعه السيسي عمليا في هذه المرحله.
ثانيا: مكسب سياسي واقليمي امام ايران في اتخاذ خطوه ضد طرف محسوب على حلفاء ايران في حين ان الظرف السياسي لا يسمح لايران باتخاذ اي موقف مباشر من هذه الحرب.
بالاضافه فان هذه العمليه ستعزز القطبيه المذهبيه في المنطقه مما يجعل السعوديه طرفا حاسما وذا ثقل رئيس في تشكيل العلاقات الدوليه مع المنطقه.
على الصعيد الداخلي هذا سيزيد ايضا التطرف المذهبي مما يجعل النظام السعودي مصدر توازن ووسطيه بين جميع التيارات والفئات المذهبيه داخل السعوديه الامر الذي يعزز من التمسك به كعامل استقرار داخلي.
الدول الخليجيه المشاركه:
تعتمد الدول الخليجيه المشاركه السعوديه على كونها قوى اقليميه تتوافق مع مصالحهم وتثبيت انظمتهم؛ فبانعدام هذا التوافق الخليجي سيؤدي الامر الى بروز صيغ توتر مختلف بين سياسات الدول وتحالفاتها. الامر الذي يعزوا بدول صغيره  "كالكويت والبحرين وقطر" لمواجهة تناقضات واختلافات داخليه حول هذه التحالفات.
لا يمكن ان تنجح الصيغه الحاليه من التبلور الخليجي الا بايجاد "عدو" خارجي يعطي مصداقيه وزخم لهذا التحالف؛ ايران هي الطرف الافضل لهذا الامر.
ايران:
صحيح ان ايران لم تقم باي عمل عدائي مباشر لاي بلد عربي او اظهرت عداءا مباشرا للدول العربيه كدول عربيه؛ الا انها فشلت كثيرا في سياستها اتجاه العالم العربي؛ فالانظمه العربيه (وخاصه السعوديه) التي ترى في ايران مصدر قلق بتاثيرها على الوضع الداخلي ككل وعلى تطلعات الشيعه بشكل خاص كان يهمها - السعوديه - شيطنة ايران كخطوه استباقيه؛ ايران تعي ان الفكر السعودي الداخلي هو فكر سلفي عدائي لمذاهب اسلاميه اخرى وعلى راسها الشيعه؛ وهذا التيار الفكري ضروره لجعل النظام السعودي معيارا وسطيا بين مذاهب الشعب السعودي المختلفه مما يدعم اركان الحكم واستقراره.
ايران وعلى مستوى الحوار المذهبي تشكل تهديدا لهذا الوضع وتفتح جدلا مذهبيا يؤدي الى المس بهذا التوازن.
لقد فشلت ايران ( ايضا في ظل التشويه الرسمي والمذهبي لصورتها) من مخاطبة الشعوب العربيه بشكل صحيح وتبديد مخاوفهم  فشلا ذريعا مكتفية في بناء تحالفات مع تيارات وحكومات مختلفه؛ هذا الامر ادى بالانظمه المتضرره الى سهولة التعامل مع هذه الدول والتيارات باتهامها بالتبعيه وبالعماله لايران نافية عن تلك التيارات اي خاصيه ذاتيه او استقلاليه سياسيه؛ الفكر العربي في تقبل هذه الصيغه (العماله والتبعيه المطلقه) ساعد في نجاح هذه السياسه؛ ففي حين ان ايران كانت تحاول بناء تحالفات مع اطراف في العالم العربي كان الاعلام العربي يصوغ تلك المحاولات بالعماله والتبعيه وحتى الخيانه؛ تحالفات ايران مع دول واطراف يمس بشكل كبير بالصيغه الحاليه لتحالفات الدول العربيه مما يحولها من دول محسوبه على االعالم الغربي المتجسد بالولايات المتحده الى دول مصدر صراع ومواجهه سياسيه مع هذا العالم. وهذا ما يدخل تلك الدول في صراعات ومعارك سياسيه لا تخدم استقرار انظمتها.
مصر:
تعد مصر من اهم اعضاء التحالف لاسباب عديده اهمها
1- ليست خليجيه.
2- غير محسوبه على التيار المذهبي المهيمن على دول التحالف الخليجي؛ بل محسوبه على العلمانيه؛ بل القوميه العربيه..
3- الثقل المصري الاستراتيجي الذي يعزز الموقف السعودي كقوه اقليميه استراتيجيه هامه ومتصدره.
4- علاقات مصر المتشعبه يشكل رادعا مهما للقوى الشرقيه (روسيا والصين) لاتخاذ خطات دراماتيكيه في شان هذه الحرب.
اهداف مصر:
بالاضافه الى الهدف الاقتصادي في دعم سخي للانظمه الخليجيه للاقتصاد المصري فان النظام المصري يعي جيدا انه في هذا التحالف يلعب دورا محوريا يجعله قادرا على التاثير والمناوره داخل الحلف وايضا الزام هذا الحلف نحو مصر في علاقاتها وسياساتها نحو العالم.
يبقى في هذا المضمار حسابات الحكومه المصريه في الحيز الذي يمكن التحرك به بين هذا التحالف والعلاقه مع دول محوريه اخرى؛ كروسيا والصين وحتى ايران.
واضح ان مصر لا ترى في هذه الحرب وهذا التحالف بانه هدف بعبنه؛ انما تراه من باب افضل القرارات التي يمكن ان تتخذها مصر وفقا للمرحله الراهنه.
باكستان:
تشكل باكستان في هذا التحالف عنصرين رئيسيين:
1- عدم اقتصار التحالف على العرب؛ انما تعزيز البعد المذهبي (السني) لهذا التحالف؛ وهذا يعزز دعم التحالف عند المتطرفين مذهبيا. هذا من ناحيه؛ ومن ناحيه اخرى تغزيز صورة الاستقلاليه في اعلان هذه  الحرب واهدافها بمعزل عن تحليلات المقاولة للسياسات الامريكيه.
2- ما تشكله باكستان من قوه نوويه تجعل من دول الخليج عامل توازن مع ايران كدوله لها باع في هذا المضمار؛ وكذلك العلاقه بين ايران وباكستان وكون باكستان بوابه خلفيه لايران يحد من امكانية ايران للمناوره حتى على المستوى السياسي.
بالضافه ان العامل البشري الكبير للجيش الباكستاني كقوى بريه وذات تجربه في التضاريس الجبليه يحسن من امكانيات السعوديه في التاثير على مجريات الحرب.
مكاسب باكستان:
لباكستان مكسبين رئيسيين:
الاول هو دخول باكستان الى الخليج كشريك يؤدي الى اعطائها عمقا استراتيجيا هاما على المستوى الدولي؛ خاصه انه شريك نووي لهذا التحالف؛ هذا الامر سيحسن من موقف الباكستان اما الهند وعلاقتها مع الغرب.
الثاني هو المكسب الاقتصادي ؛ سواءا مقابل الانضمام "ولو شكليا" للحرب؛ او عبر علاقات اقتصاديه مستقبليه.

تركيا:
تدخل تركيا في هذا التحالف معززتا موضعها عند الشعوب العربيه وحكوماتها فاتحة مجال واسع لعمق استراتيجي ولاعي مهم في المنطقه؛ بالضافه الى تعزيز علاقاتها الاقتصاديه.
امريكا:
الدور الامريكا هام وحاسم اكثر مما يبدو؛ فامريكا تشكل مفتاح مجلس الامن للقرارات في صيغه لانهاء الحرب بالضافه الى توقيرها الرقابه العسكريه الضروريه عبر الاقمار الاصطناعيه العسكريه لادارة مجريات القصف والحرب بشكل عام؛ بالضافه فان موقف امريكا يلعب دورا مهما في تعزيز موقف السعوديه امام روسيا والصين وايران.
لا شك ان الولايات المتحده تعي جيدا ارتبط وتعلق السعوديه بها وحاجتها لها مما يجعل السياسه والمطالب الامريكيه ذات ثقل كبير امام السعوديه ودول الخليج؛ يبقى ادراك مدى رغبة الولايات المتحده في انهاء الحرب او ابقاء الوضع على وضعه الحالي كاقضل حال يجعل منها -اي الولايات المتحده - العامل الرئيس في التاثير والهيمنه.
الولايات المتحده اليوم هي الطرف الرئيس صاحب القرار للصورة انهاء هذه الحرب.
لعبة الولايات المتحده التي لعبتها مع صدام بحربه مع ايران في جعل الحرب هي الوضع المثالي سيجعل من السعوديه رهن السياسه الامريكيه.
الحوثيين:
لقد ارتكب الحوثيين خطأ جسيما في انهم لم يحسنوا استغلال دخولهم العاصمه والسيطره على الحكم في لتخاذ اجراء ينم عن تنازل بارز يعزز من مصداقيتهم قي اليمن؛ فبدلا من اتخاذ قرار باقامة انتخابات او شراكات مع باقي التيارات قاموا باعلان دستوري يفتقد الى المصداقيه الجماهيريه (خطأ مرسي) مما سهل من تصويرهم ك "قوى محتله" وميليشيات خاجيه  ازاء الشعب اليمني. هذ الخطأ كان العامل الرئيس في دعم السياسه السعوديه في التدخل المباشر في اليمن تحت شعار "الشرعيه"؛.
صحيح ان الرئيس السابق فقد شرعيته كرئيس من الناحيه الدستوريه؛ (اذا انه قدم استقالته ومضت كامل الفتره للعدول عنها مما ابطل اي صلاحيه له لان يكون رئيسا الا باعادة انتخابه)؛ الا انه كان كافيا ان يتحالق مع السعوديه ووفقا لحلفائها ان يتم اعلاء شعار "الشرعيه" كمبرر ذا "مصداقيه" لدعم السياسه السعوديه في اليمن.

هذه قراءه شخصيه مختصره جدا للحرب المعلنه على الحوثيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق