السبت، 12 أغسطس 2017

حلقة إياد جمال الدين مع الأخ رشيد -- تعقيب أ. حسن بن فرحان المالكي

حلقة إياد جمال الدين مع الأخ رشيد

https://www.youtube.com/watch?v=ThiniH-YYnY
للأسف هذه المرة كان إياد جمال الدين ضعيفاً؛ وسأحاول الإجابة على أسئلة رشيد باختصار؛ وهذه إجاباتي على أسئلة رشيد باختصار:
1- ما ذكره رشيد عن آية الجزية وسورة التوبة أجبت عليه في هذه المادة:

كان للأستاذ إياد جمال الدين حلقتان سابقتان مع الأخ رشيد في سؤال جري، كان فيهما أقوى من الأستاذ رشيد، وفي هذه الحلقة الثالثة كان ضعيفاً. وسبب ضعف الأستاذ إياد في هذه الحلقة المبالغة في التاويل ثم التورط فيه، وكان الأستاذ رشيد هذه المرة أكثر موضوعية، بعد أن كان ضعيفاً في 1 و2؛ وهذه إجاباتي على أسئلة رشيد باختصار
1-    ما ذكره رشيد عن آية الجزية وسورة التوبة أجبت عليه في هذه المادة

وآية الجزية خاصة ببعض أهل الكتاب الذين وقفا مع الحلف العريض ضد النبوة في العام التاسع الهجري (محاولة الاغتيال+ مسجد الضرار+ الأحلاف) الخ
2-    ما ذكره الخ إياد عن أن العهد المكي لم يكن فيه منافقون، أجبت عليه سابقاً بأن السور المكية فيها ذكر للنفاق والمنافقين، وأن هذا ليس بسبب السلطة، وإنما بسبب مرض في القلوب ، وقد ذكر الله ( الذين في قلوبهم مرض) في سورة المدثر
3 - الإكراه على الدين ممنوع قرآناً مشروع تراثاً، وهذا يجعلنا نبحث متى بدأ هذا التحول، وأن نراقب سلوك السلطة، وهذا فيه إجايات على كل الأسئلة؛ وهي من أول ما نزل من القرآن الكريم.
4-    أنا أحترم الاثنين إياد جمال الدين ورشيد حمامي، ولكن عند رشيد تمحور على الفهم السلفي وظهر عند إياد اعتباط شديد (في هذه الحلقة على الأقل). كلام إياد جمال الدين عن السلطة وأثرها في التصورات الدينية صحيح، إلا أنه لم يدعمه بأدلة مقنعة، كان مستعجلاً،
5-    هجوم الأستاذ إياد على الأخ رشيد بأنه مثل أبي بكر البغدادي كان  خارج التوقع، قل هو متأثر بالموروث؛  ولا للتراشق بين الأديان؛ إنما الحوار.   
6-    الحوار الأصلي يجب أن ينصب على (تثبيت الحقوق وحفظها) لا الهجوم على القناعات، فالنواحي الحقوقية هي التي يجب تأكيدها ونقد ما يخالفها .

7-    ولا بأس أن أوصي الأخوين رشيد وإياد أن يقرآ كتابي (حرية الاعتقاد في الكتاب والسنة)؛ ففيه فصل بين الدين والتاريخ وفي كثير مما اختلفا فيه.


_______________
__________________


أعدت تغريدات الأستاذ إياد جمال الدين في الرد عليّ في موضوع آية الجزية..
فأشكره أولاً
ثانياً: أراه يجتج بفهم (فقهاء المسلمين)!وهذا غريب منه.
ثالثاً: والأكثر غرابة في رد الأستاذ جمال الدين كأنه يلزمني بفهم فقهاء المسلمين، وربما لو هدأ وقرأ كلامي لوجده أفضل المخارج، فهو مخرج قرآني.
رابعاً: فقهاء المسلمين يتبعون السياسة غالباً، ويخضعون الدين لمطالب السياسة، مع أمور أخرى كثيرة، فمن حقي أن أتدبر الآية وأعرف معناها.
خامساً:  ذكرنا في تدبر سورة التوبة، أن السورة تتحدث عن حلف عريض من اليهود والطقاء والأعراب ومنافقون من فئات أخرى أرادوا الانقلاب على النبوة.
سادساً: كان من هؤلاء يهود أهل كتاب، وما قيل عن تهجيرهم قبل العسرة غير صحيح، فقد بقوا في خيبر والمدينة، ومات النبي ودرعه مرهونة عند يهودي.
سابعاً: الآية نزلت في أهل الكتاب الذين حالفوا قريشاً وطلقائها والأعراب والغساسنة في الانقضاض على النبوة ، وقد فصلنا هذا في تدبر السورة.
ثامناً: وقد ذكرنا الدلائل من الآية نفسها (وجود من التبعيضية) ومن سياق السورة وموضوعها، وهذا أسلم من المخارج الثلاثة التي ذكرها الأستاذ إياد.
أما كون الفقهاء والسلطات الإسلامية فيما بعد لم تلتزم بهذه التخصيص في الآية وعممته على كل أهل الكتاب وغير أهل الكتاب، فهذه ليست أول مخالفاتهم.
تاسعاً: سأعيد كتابةً تدبري لآية الجزية تفصيلاً، فالقرآن مهجور، فلا يحق للأستاذ إياد أن يحتج علي بفقهاء المسلمين، فطالما خالفهم هو أيضاً.
عاشراً: آمل من الأستاذ إياد أن يخفف من الغضب والاعتباط والثقة الزائدة بالنفس، وليقرأ  وليتعلم؛ فليس من العيب أن يراقب الإنسان نفسه ويقومها.
والآن أخي إياد، وكذلك أخي رشيد: سأنقل تدبري لآية الجزية فقط وأهمل السياق والقرائن فالأمر يطول،  لنتدبر الآية الكريمة في ضوء ما سبق شرحه؛ قال تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) [التوبة/29]
هذه آية شديدة جداً لن تكون إلا في متحالفين مع الحلف العظيم لإجهاض النبوة (عبر أمور كثيرة كمسجد الضرار ومحاولة الاغتيال وعمل السم ..الخ)؛ فهذه الآية خاصة في بعض أهل الكتاب المحاربين، وهم القسم الديني من ذلك الحلف العريض وهم مجموعة من المنافقين واليهود (ورأسهم حليف أبي سفيان)؛ وهو  أبو عامر الفاسق  الذي يدعي أنه على علم بالأديان وأنه على الحنيفية، بينما هو من يهود الأوس) هذا القسم الديني من الحلف الكبير كان قد بنا مسجد الضرار وأراد خداع النبي (ص) ليصلي فيه قبل أن يسير إلى تبوك، ثم يتم اغتيال النبي (ص) في تبوك وتصبح حجة هؤلاء أن مسجد الضرار كان آخر مسجد صلى فيه رسول الله (ص) وأنه أقر أبا عامر مرشداً دينياً وأصبح مسجد الضرار هو البديل للمسجد النبوي، وبالتالي تكون الثورة المخملية بقيادة أبي سفيان سياسياً وأبي عامر دينياً مع دعم ملك الروم (وهو صديق لهما ومات أبو عامر عنده وكان أبو سفيان يتمنى انتصاره يوم اليرموك)؛  ثم معهم حلفاء أبي سفيان من الأعراب المحيطة بالمدينة كبني سليم (وممن حولكم من الأعراب منافقون)، فسورة التوبة نزلت أيام غزوة تبوك وبعدها في ظروف انقلابية من القبائل واليهود والمنافقين وبدعم من الغساسنة والروم؛ فأهل الكتاب الذين شاركوا في المؤامرة الانقلابية هم مجموعات من منافقي المدينة؛ وبدعم من الغساسنة؛ فكأنهم هم المقصودون، لأنهم دخلوا في المؤامرة، وهذه الآية خاصة بالشق الكتابي من أهل الانقلاب، فهي آية خاصة أيضاً؛ ولا يستقيم تطبيقها على كل أهل الكتاب بالإجماع، وما فيها أقرب للعقوبة منها للتشريع، كما سبق أن ذكرنا في الكتاب التفريق بين مشركين ومشركين؛ وكان أهل الكتاب أصناف؛ فمنهم المسالم، ومنهم المتآمر كبعض من تبقى منهم في المدينة أو العوام؛ وهم قبائل غسان التي كانت نصرانية بالاسم، وكانوا - أي الغساسنة ( وهم أهل كتاب بالاسم) - قد قتلوا رسول النبي (ص) إلى زعيم غسان، وهو سبب غزوة تبوك، وليس هذا الحكم في جميع أهل الكتاب، فإذا تسمت قبيلة باسم ديني،أعني زعمت أنها نصرانية ولكنها لا تتمسك من دين النصرانية؛ فهؤلاء  وإن تسموا بأهل الكتاب أو زعموا أنهم من أهل الكتاب إلا أنهم كفار بالله واليوم الآخر كما في نص الآية؛ فهؤلاء حكمهم حكم الكفار المحاربين، إلا أنهم يعطون الجزية بدلاً من الزكاة، استجابةً لزعمهم أنهم نصارى، لأن النصارى في الأصل؛ وإن خالفوا المسلمين إلا أنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر ويحرمون الظلم والقتل والغش والكذب...الخ، فهؤلاء النصارى الملتزمون دينيناً  لهم حقوق أعلى من حقوق مجموعة قبائل لهم اسم أهل الكتاب؛ ولهم فعل الكفار المحاربين.
وعلى هذا؛ لو افترضنا بأن الآيات لم تنزل في حلفاء الانقلاب، فقد اشترط  الله في هؤلاء الذين تفرض عليهم الجزية وهم صاغرون شروطاً تدل على أنهم يتسمون بأهل الكتاب فقط، وإلا فهم في الواقع  لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وأهل الكتاب ليسوا كذلك على الحقيقة؛ فالجزية إذن ليست إلا على هذا النوع من أهل الكتاب، أي في حق (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر)، وإنما يتسمون بالنصرانية ويدورون مع أعداء النبوة حيث يجدون المصالح الدنيوية؛  فليست الآية في جميع أهل الكتاب؛ والباحث - أي باحث -  ليس مسئولاً عن أخطاء السلطات الإسلامية عبر التاريخ التي طبقته على الأديان والشعوب، من أهل كتاب وغيرهم؛ سواءً من أصاب منهم ولم ينقل لنا علمه ولا عدله، أو من أخطأ ونقل لنا علمه وظلمه؛ فالآية الكريمة لا تفرض الجزية إلا على فئة خاصة مخادعة تسموا  باسم أهل الكتاب؛ لكنهم في الواقع هم مشركون محاربون متآمرون على النبوة والنظام العام، أو في أقل الأحوال هم ناقضون للعهود وإن أريد بهم قبائل غسان الشامية  فالأمر أوضح؛ فهم أسوأ؛ لأنهم يقتلون الرسل، مع أن العرف العام حتى عند المشركين أن الرسل لا تقتل.
وعلى كل حال؛ يكون هؤلاء المقصودين في الآية من حيث الواقع، إما يهود الحجاز أو نصارى الشام - وهم أبشع فعلاً  وأخدع دعوى من المشركين الذين حاربهم النبي (ص).
ومن التبعيضية الموجودة في الآية (من الذين أوتوا الكتاب) دليل على ما قلناه، بأن الجزئة مخصوصة بفئة (من الذين أوتوا الكتاب) كانوا في الباطن مع أعداء النبوة ، وتأمروا مع الطلقاء والأعراب على إخراج النبي من المدنية (كما أخرجوه أول مرة) من مكة، والآيات واضحة، لكن لأن الحلف تغلب؛ فقد أخفوا دلالات هذه الآية وسياقاتها وقد فعلوا في سورة التوبة ما هو أبلغ من هذا، فزعموا أن الله ورسوله هم من نقضوا العهد لا قريش وحلفائها؛ وقد تحمل المسلمون في القرون الأخيرة حرجاً شديداً من مسألة الجزية، فأخذوا يؤولونها بتكلف شديد أو يبطلونها، ولو تدبروا الآية الكريمة لعرفوا أنها لا تفرض إلا على نوع  خاص من أهل الكتاب بحيث يكونون أكثر أبلغ شراً وأبعد عن الدين من الوثنيين المحاربين، وهؤلاء لا وجود لهم إلا في زمن النبي (ص)؛ سواء من تآمر منهم في المدينة أو من كان في شمال الجزيرة العربية في منطقة الغساسنة - الأردن حالياً - وبعض الشام؛ وكانوا حلفاء للروم واليهود والمنافقين في الحجاز، كما أن المناذرة في العراق حلفاء للفرس، والغساسنة مشهورون بالشر ومخالفة الأعراف خاصةً في زمن النبي وحتى الفقهاء التقليديين تجد في كلامهم فلتات مهمة؛ فمثلاً قال ابن القيم في زاد المعاد - (ج 3 / ص 137) (وَأَمّا هَدْيُهُ فِي عَقْدِ الذّمّةِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ فَإِنّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْكُفّارِ جِزْيَةً إلّا بَعْدَ نُزُولِ (سُورَةِ بَرَاءَةٌ) .. الخ ) اهـ
قلت: هذا يدل على أنهم استدلوا بهذه الآية في سورة التوبة فقط! وهي في الحقيقة خاصة في المتحالفين من أهل الكتاب مع المشركين، أي هي في حق أناس يدعون أنهم من أهل الكتاب، لكنهم لا يؤمنون بالله ولا اليوم الآخر- بخلاف أهل الكتاب المعروفين من يهود أو نصارى فهم يؤمنون بالله واليومن الآخر -  وبما أنه لم يبق النبي (ص) بعد نزول سورة التوبة إلا سنة واحدة؛ فنحن ندعو لقراءة نصوص الجزية في الحديث، وهل لها علاقة بالمحاربين من القبائل المتسمية بأهل الكتاب؟ وهل صحت تلك النصوص؟ أم أنها استجابة للسياسة الجديدة (السلطات بعد النبي)؛ وهل لتلك القبائل علاقة بالحلف المذكور؟  فالآية الخاصة بالجزية ليست إلا في أناس خاصين يدّعون الدخول في أهل الكتاب، وربما لهم نصيب من الكتاب لا يوقفهم عن تجنب الحرام - كنقض العهود - ولما عرفنا أن الآية فيهم لأن سورة التوبة بالإجماع نزلت أيام تبوك؛ ولأن النبي (ص) لم يفرض على أهل الكتاب في المدينة ولا في خيبر ولا في وادي القرى ولا في فدك جزيةً، فعلم بهذا كله أن الجزية خاصةً بنوع خاص من أهل الكتاب؛ وهم في الحقيقة ليسوا على دين أهل الكتاب؛ لأنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يدينون دين الحق؛ سواءً دين أهل الكتاب أو دين أهل الإسلام.
هذه خلاصة سريعة فقط. وعذراً قالموقع متوقف للصيانة.؛ فهذه حرية الاعتقاد، واضحة في كتاب الله؛ ولكن السلطات وفقهاءهم قضوا عليها تماماً.  فلا يحتج علي الأستاذ بآراء الفقهاء وفقه الله. لا يحق له ذلك.

ثم هناك مخارج أخرى ليس هنا شرحها؛ ومنها كون الجانب التشريعي- في الجين نفسه - متفاعل مع الواقع بخلاف الجانب الإيماني والأخلاقي الصارم. والكلام يطول؛ وفي اليوتيوب - لمن أراد التوسع - تدبر لي لسورة التوبة كلها، وفيها نظائر من هذه الالتفافات على الآيات والتوظيفات السياسية لها ومن هنا أكرر دائماً؛ بأن مراقبة الأثر السياسي على الإسلام مهم جداً لكل باحث؛ فإذا لم تراقب الأثر السياسي- وتعتبر بواقعك اليوم - فستظلم الإسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق